حارس البحر الحقيقي
غم الصورة المرعبة التي تُرسم للقرش في وسائل الإعلام، فإن الإحصاءات الموثوقة تكشف حقيقة مغايرة تمامًا. فعدد الهجمات غير المبررة التي تُسجَّل سنويًا عالميًا لا يتجاوز 70 حالة، وغالبًا ما تكون غير قاتلة. في المقابل، يُقتل أقل من 10 أشخاص سنويًا بسبب القروش، بينما تُباد ملايين القروش سنويًا بفعل الصيد الجائر والاتجار بالزعانف. إذًا، القرش ليس الخطر الحقيقي... بل غيابه هو التهديد الأكبر للنظام البيئي البحري. لكن كيف؟ هذا ما سنوضحه في هذا المقال
المدير الفني – شركة رائدات الاستدامة للاستشارات البيئية - ريهام جودة
7/20/20251 دقيقة قراءة
أولًا: المحافظة على التوازن البيئي وتنظيم أعداد الأنواع
تلعب القروش دورًا بيئيًا بالغ الأهمية عبر افتراس الكائنات الضعيفة أو المريضة، ومنع بعض الأنواع من التكاثر العشوائي.
فعند غيابها، ترتفع أعداد بعض الكائنات كالسلاحف والأسماك العاشبة، مما يؤدي إلى تدمير الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية، وبالتالي اختلال التوازن البيئي برمّته.
"حين يغيب القرش، تحدث الفوضى في عالم البحر."
ثانيًا: دعم الاقتصاد البحري واستدامة المصايد
القروش ليست عدوًا للصياد، بل هي عنصر داعم لاستدامة المصايد.
وجودها يحمي صحة المخزون السمكي، ويحد من انتشار الأمراض، مما يدعم الصناعات الساحلية والسياحة البيئية في آنٍ واحد.
"القرش لا يأكل الثروة… بل يحرسها."
ثالثًا: مؤشر علمي على جودة النظام البيئي
بما أن القروش لا تتواجد إلا في بيئات بحرية متوازنة وغنية، فإن وجودها يُعد مؤشرًا علميًا عالي الموثوقية على سلامة البحر وغِناه بالتنوع الحيوي.
هي بمثابة "شهادة جودة طبيعية" للبيئة البحرية.
"حين يكون القرش في المكان، هذا يعني أن البحر ما زال على قيد الحياة."
إذًا، الخطر الحقيقي: غياب القروش
تُقتل أكثر من 100 مليون قرش سنويًا بسبب الصيد العشوائي، ما يتسبب في زعزعة استقرار السلاسل الغذائية البحرية.
غياب القروش يعني انهيار دورها الحيوي في البيئة البحرية، وتهديد مباشر لتوازن المحيطات وتنوعها الحيوي.
"لا تخف من القرش… خف على البحر من بعده."
القروش والسلسلة الغذائية: ترس مركزي في شبكة الحياة البحرية
تتربع القروش على قمة الهرم الغذائي، ما يجعلها مفترسات عُليا تنظم النظام البيئي من الأعلى للأسفل.
من دونها، تفقد الشبكة توازنها، ويبدأ ما يُعرف بـ*"الانهيار الغذائي المتسلسل"* (Trophic Cascade)، حيث يتغير سلوك الكائنات، وتختل أعدادها، وتتراجع صحة المواطن البيئية.
"القرش في قمة السلسلة… لكنه يحمل كل البحر على ظهره."
القروش ليست مجرد كائنات بحرية ضخمة، بل هي حلقات أساسية في نسيج الحياة البحرية، وعناصر تنظيمية تحمي التنوع والتوازن.
إنها صمّام الأمان للنظام البيئي، وإذا فقدناه، فلا شيء يعوّضه.
لذا، علينا أن نتحول من الخوف إلى الفهم، ومن التحامل إلى الحماية.
سواءً عبر التشريعات، أو الحملات التوعوية، أو حتى التغييرات السلوكية الفردية، فإن كل جهد نبذله لحماية القروش هو استثمار مباشر في صحة بحارنا ومستقبل كوكبنا.
References:
Dulvy, N. K., et al. (2014). Extinction risk and conservation of the world's sharks and rays. eLife, 3, e00590.
Ferretti, F., et al. (2010). Patterns and ecosystem consequences of shark declines in the ocean. Ecology Letters, 13(8), 1055–1071.
Gallagher, A. J., & Hammerschlag, N. (2011). Global shark tourism: a review of the economic impacts, management strategies and governance. Marine Policy, 35(5), 595–600.
Heithaus, M. R., et al. (2008). Predicting ecological consequences of marine top predator declines. Trends in Ecology & Evolution, 23(4), 202–210.
Worm, B., et al. (2013). Global catches, exploitation rates, and rebuilding options for sharks. Marine Policy, 40, 194–204.
Florida Museum of Natural History (2024). Yearly Worldwide Shark Attack Summary.
IFAW (2023). FAQ: Are Sharks Really Dangerous to Humans?
© 2025 موج – جميع الحقوق محفوظة
موج
هويتنا تنبض من أعماق البحر